ختام حفيظ: روائية لاتعشق التكرار والتملُّق الأدبي

متابعة : مراسل جريدة أحداث الساعة البشير الطبيب من تونس

يبدو كل شيء غريبا . لا أفهم كيف يقنن هذا العالم . يبدو غريبا أن أملك اسما ، جسدا ، هوية . يضحكني وقع اسمي . ” خ ت ا م ” . لا أعرف كي تكونت . كيف صرت هذه الأنا . كيف امتلأ دماغي أفكارا . تعلمت أن أشتم. شتمت للمرة الأولى -جهرا- في سن الثالثة عشر. أعجبني الأمر . صرت أخفي خجلي وراء الشتائم . تعلمت أن أسخر. أن أنقد . أن أعبر عن أفكاري. اللعنة . من حشا رأسي بهذه الأفكار ؟ من فتح رأسي و تغوط داخله ؟ متى صرت أنا ؟ تبهرني قدرة الانسان على التطور . لو كنت أؤمن بالعود الأبدي لقلت أنني كنت بكتيريا في حياة سابقة . يبدو كل شيء مثيرا للسخرية . محطة خزندار . اسم تافه . يسودني اطمئنان دافئ حين أعبر الحي و لا يذكرني أحد . قد يغازلني أحدهم ببذاءة . فأنظر إليه مستحضرة مشهده غارقا في بركة بوله في المدرسة . ذاكرتي هجين فيل و ذبابة . لا أذكر و لا أنسى شيئا . يبدو مضحكا تغير خزندار . صار في الحي مطعم سوري باهض . اختفى “الحطاب و خوه ” . تغيرت كل الوجوه . يصرخ صوت قبيح في الميترو ” عالاا خاااطر بنت الخزندار تحب تعمل بيسين في الدار ” . لا أكترث . بل أبتسم ساخرة . هل كان علي أن أستاء ؟ لا أعرف . أعجز عن الانتماء . لا أحن إلى شيء . تعلمت ” تبديل اللحي” حتى ما عدت أشتاق أحدا. حين أمر من أمام المعاهد ” الثلاث ” التي درست بها لا أشعر بغير القرف أو اللامبالاة . لم أنخرط في ” الدخلة ” أو “خرجة الباك سبور ” . لم أشعر بأهمية ذلك . يبدو أنني ” ما نعمل قاوق لشيء ” . كيف يستطيع الآخرون أن يغرقوا في الانتماء ؟ رغم أنني كنت منتمية أيضا . صرخت باسم حزب يوما . دافعت عن إيديولوجية ما . حين كنت مراهقة. أسحب نفسي – البالغة خمسة عشر سنة – من نفسي . ألقيها أرضا . أسألها :” كيف استطعت أن تنتمي يوما ؟ لماذا لا تعلمينني السر ؟ ” أصفعها . تكشر عن أسنانها المحطمة و لا تجيب . أريد أن أفهم . مالسبب الذي يدفع أحدهم إلى الحزن/الغضب/القتل لأن شخصا ما قد سخر من فريقه الرياضي المفضل أو فرقة موسيقية يحبها! كيف تستطيعون فعلها ؟ أريد أن أغضب . أن أستفز . أريد أن أنفعل و أحطم كل شيء دفاعا عن شيء أؤمن به . أريد أن أشتاق شخصا ما . لكن القوة جارحة . أملك قدرة مخيفة على إلقاء الجميع أرضا و المضي دون ندم . صرت أجيد المواجهة . أريد أن أنكسر -ثانية- فقط كي أجد موضوع كتابة. كي يختلج قلبي ثانية . القلب الميت لن ينزف حرفا واحدا . القلب العاري قبر صاحبه